فوائد منتقاه..

بسم الله الرحمن الرحيم​

انتقيتُ لكن , بعض الفوائد واللطائف من شرح الأبواب الثلاثة الأولى من كتاب العلم من صحيح البخاري للعلّامة : أبي إسحاق الحويني - حفظه الله وعافاه- بتصرف بسيط جدا ،أرجو أن ينفعكن الله بها:​

- صحيح البخاري له من البركة ما ليس لكتاب في الدنيا بعد القرآن.

- رتب الإمام البخاري رحمه الله صحيحه ترتيباً يدل على عمق فقهه وعلمه، فافتتح كتابه الصحيح بكتاب بدء الوحي، وختم كتابه بكتاب التوحيد، فكأنه يريد أن يقول: من أراد أن يخرج من الدنيا على التوحيد فعليه بالوحي. وما بين بدء الوحي وكتاب التوحيد الإسلام .

- العلم بلا أدب وبال على صاحبه، لا تدخل العلم إلا من باب الأدب.

-فهذا وكيع بن الجراح هو: الجراح بن مليح الرؤاسي ،شتم رجلاً وكيعاً - فدخل وكيع داره وعفر وجهه بالتراب، وخرج إلى الرجل فقال له: ( زد وكيعاً بذنبه فلولاه ما سلطت عليه ) ، انظروا!ينسب نفسه إلى النقص وإلى التقصير, لا يفعل هذا إلا رجل ورث الأدب.

- أنت عندما تطلب العلم يجب أن تصبر على جفوة شيخك.

- الشيوخ كانوا يشددون على الطلبة، وكانوا يطردونهم أحياناً إن رأوا المصلحة في ذلك، كل هذا ليس إذلالاً لهم، ولكن لكسر الكبر الذي يأتي من الطالب.

- لا تنازع أحداً في الصدارة أبداً، ستأتيك؛ لأن الله عز وجل هو الذي يهب المكانات، سبحان من لا يعلم أقدار خلقه إلا هو.

-أيها الطالب: كلما حركت ذهنك وأنفقت وقتك في فضول الكلام، وفضول العلم، ذهب عليك لب العلم، فلا تشتغل إلا بالعلم. لا تقل: الشيخ الفلاني يفهم، والشيخ العلاني لا يفهم،والشيخ الفلاني صفته كذا، فإذا نصبت نفسك حكماً بين المشايخ فلن تحصل علماً أبداً ولن تفلح .


- العلم يرفع صاحبه فهذا الأعمش - ولقب بذلك لعمش كان في عينه - من ثقات الأئمة الكبار، وكان قاسياً مع الطلبة، ومع قسوته كانوا يتهافتون عليه , من تلامذته:سفيان الثوري ، وشعبة ، وسفيان بن عيينة ، وإسرائيل بن يونس ، وهمام بن يحيى ، وهشيم بن بشير كلهم علماء عظام، فكان الأعمش قاسياً معهم كان عسر الرواية،وكان يهينهم، ومع ذلك كانوا يأتون .


-لا يخيب الله عز وجل سعي من سعى إليه، وأنفق حياته على دينه، هل تظن أن لا إله إلا الله تقال بسهولة؟! هي عند الموت أثقل من الجبال، يقولون له : قل لا إله إلا الله. لكن صار أصماً، ما سمعها، ما عبَّد نفسه لله، وما عمل بها في حياته، فكيف يقولها؟! يا أخواتى: العمل يخف مع طول الممارسة.مثلاً: عامل العمارة الذي يحمل قطعة الطوب على كتفه ويصعد إلى الدور العاشر، فأنت ربما كنت أقوى منه وأصلب منه، طيب احمل هذه الطوبة واصعد بها إلى الدور الخامس، لا تستطيع، فما هو الذي جعل هذا قادراً على الصعود، هل هو من أول شهر أو أول أسبوع كان هكذا؟ لا، لم يصل إلى هذا الجلد إلا بعد سنين من العمل.فالمسائل مع طول الممارسة تسهل عليك، فأنت عندما تمارس لا إله إلا الله في حياتك فإنك تنجو بها، وكل شيء في حياتك تتمثل فيه حكم الله، حتى يصير ملكةً عندك، ممارستك للا إله إلا الله في حياتك؛ يسهل عليك أن تقولها إذا مت، أما أن تنحي لا إله إلا الله جانباً ثم تريد أن تنطق بها: إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين.

- في الحديث : ( الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال )الجذر: هو أصل الشيء، والأمانة في هذا الحديث: هي الإيمان، الذي يستلزم العمل بمقتضاه !فالإيمان نزل في جذر قلوب الرجال، أي: في أصل قلوبهم؛ ثم عملوا من القرآن، ثم علموا من السنة، فأيهما تقدم الآخر: الإيمان أم العلم؟ الإيمان.



- قول عمر لابنه : (أما لو قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا) حين قال له -ابنه- : ( فوقع في نفسي أنها النخلة ) لأن ابنه عبد الله لو تكلم بهذا مع صغر سنه في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ربما حصّل دعوةً صالحة، وربما قال النبي صلى الله عليه وسلم:زادك الله فهماً، وكانت هذه شهادة من النبي عليه الصلاة والسلام، وهي شهادة عظيمة.[ وفي قول عمر إشارةٌ إلى أن الآباء يحبون لأبنائهم أكثر مما يحبونه لأنفسهم.

يتبع بإذن الله،
جمع وترتيب :د.أماني الصاوي.​

 

بسم الله الرحمن الرحيم

نكمل بعض الفوائد واللطائف من شرح الأبواب الثلاثة الأولى من كتاب العلم من صحيح البخاري للعلّامة : أبى إسحاق الحويني - حفظه الله وعافاه- بتصرف بسيط جدا ،أرجو أن ينفعكن الله بها:

▫-الأعراب لبعدهم ولجفائهم لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخذهم مثلما يؤاخذ أهل الحضر، بل كان يعامل الأعراب معاملة، وكان يعامل أصحابه الملازمين له معاملة أخرى، فبنبغى أن نعامل كل واحد بما يناسبه.

▪- خصلة في الألباني لا أعلم له نظيراً فيها، أنه يظل ربع ساعة يصحح السؤال للسائل، حتى يعلم قصده؛ لأن المفتي طبيب وليس موظفاً يجيب .

▫- معنى قول الإمام: باب من رفع صوته بالعلم؛ لأن رفع الصوت مظنة وصوله إلى أكبر عدد، فالرفع هنا معناه: الانتشار، معناه: التعليم، وليس معناه: أن ترفع صوتك فقط، إنما قصد الإمام البخاري تبليغ العلم، والتبليغ يكون عن طريق رفع الصوت.

▪- قال يحيى بن أبي كثير رحمه الله: السنة قاضية على كتاب الله. وهذا أيضاً كلام الإمام الدارمي ، وابن عبد البر ، وجماعة من السلف.قال الله تبارك وتعالى: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) [البقرة:223]، قال الشافعي رحمه الله: هذه الآية حجة لمن ذهب إلى جواز إتيان المرأة في دبرها، ولكن صح عندنا حديثان في منع إتيان المرأة في دبرها فالسنة قضت على أحد المعنيين في كتاب الله، [ وهذا معنى أن السنة قاضية على كتاب الله ]أي: أن هناك لفظة في القرآن تحتمل معنيين، فتأتي السنة فتقضي بين المعنيين، وتقول: المعنى الأول هو المراد، والثاني غير المراد، فتكون السنة قد قامت بدور القاضي بين المعاني، فلذلك صارت قاضية على كتاب الله لا أنها مقدمة على كتاب الله.

▫- ألقاب المحدثين أو ألقاب العلماء أو سائر الناس التي تحمل معنى مذموماً هل هي محرمة؟ وهل تعد من الغيبة أم لا؟ الجواب: أن هذا لا يعد من الغيبة، وقد استثنى العلماء أجناساً لم يعدوها غيبة محرمة، وإنما ساروا مع القصد .المسألة إذاً مدارها على النية، فمن قصد بكلامه التنقيص والتحقير، فهذه هي الغيبة المحرمة، أما من قصد أن يدفع ظلماً عنه، أو يعرف بغير قصد التنقيص فلا يكون ذلك داخلاً في الغيبة .
كألقاب بعض المحدثين ،باﻷعمش، بن الفضل تكلم بعض العلماء فيه، وقالوا: إنه اختلط، وساء حفظه، وأرَّخوا سنة عشرين ومائتين كحدٍ فاصل بين ما حدَّث به قبل الاختلاط، وبين ما حدث به بعد الاختلاط.

▪-صالح جزرة ، فصالح هذا لا يوجد مثله في الحفظ والإتقان؛ لكنه معروف بلقبه جزرة ؛ لماذا؟ لأنه مرةً كان أحد شيوخه يحدث بحديث الخرزة، ثم قال لهم: أين وقفنا؟فـصالح صحَّفها فبدل أن يقول: خرزة قال: جزرة، فضج المجلس بالضحك، وصار من يومها جزرة .

▫- إن أردت أن تدرس الفقه، وتستمتع بالفقه فاقرأ تراجم الإمام البخاري ، وكذلك سائر الأئمة الستة .
▪-غالب المحدثين فقهاء، وغالب الفقهاء ليسوا محدثين .


▫- شعبة هذا لو عرفته تحبه جداً، هو وسفيان الثوري . المعذرة! فأنا لما أتكلم عن العلماء أتكلم كلام محب لهم؛ لأن حياتي معهم، أنا أقضي مع هؤلاء أكثر مما أقضي مع أولادي وأهلي، فأنا أحياناً أقضي مع هؤلاء أربع عشرة ساعة في اليوم، أقرأ في تراجمهم وسيرهم، وأبحث عن أخبارهم، وأتتبع رواياتهم، حتى صار عندي شغف بالغ، فبمجرد أن يمر علي اسم الواحد من هؤلاء أشعر بالأنس مباشرة !فمثلاً: شعبة ، أو سفيان ، أو أبو عوانة ، أو سفيان بن عيينة ، أو حماد بن زيد ، أو حماد بن سلمة ، كل هؤلاء أشعر بأنس معهم، كأنهم أهلي .

▪- أبو حمزة السكري اسمه: محمد بن ميمون ، وإنما قيل له: (السكري ) ليس لأنه كان مريضاً (بالسكري) لا؛سمي السكري لحلاوة كلامه، كان كلامه جميلاً , يقول: ما بلغني عن جاري أنه مرض قط إلا قوّمت نفقته في مرضه، وتصدقت بها أن الله عافاني مما ابتلاه به.مثلاً: كان إذا مرض جاره نظر كم أنفق على نفسه في ذلك المرض من علاج وأدوية ...إلخ فيخرج ذلك المبلغ صدقة شكراً لله عز وجل أن عافاه مما ابتلى به جاره.



#فوائد حديثية يعتنى بها دارسات الحديث أكثر،لكن أحببت أذكرها للفائدة:

- للإسناد في الأحاديث أهمية عظيمة، وفوائد جليلة، فبه تحفظ السنة، ويميز بين الصحيح وغيره، وبه نعرف أهل التدليس
- أشرف أنواع العلو الذي كان يحرص عليه المحدثون هو: تقليل عدد الوسائط بينك وبين النبي صلى الله عليه وسلم
- سئل يحيى بن معين أبو زكريا إمام الجرح والتعديل رحمه الله، وهو في مرض موته فقيل له: ما تشتهي؟ قال: بيت خال وإسناد عال.

- لفظة (عن) لها وجهان: وجه اتصال، ووجه انقطاع ,لفظة التحديث ( حدثني ) لا تحتمل أبداً إلا اللقاء المباشر، والسماع المباشر، أما لفظة (عن) فإنها تحتمل وجهين، فقد تقول: عن فلان، مع عدم اللقاء، ومع ذلك لا يكذبك أحد.فلذلك المدلس يسقط الواسطة بينه وبين شيخه، ويرتقي بلفظة (عن).

.- معنى لفظة (ح) التي هي التحويل، أي سيحول الحديث إلى إسناد آخر عنده عن شيخه، والقصد من هذا التحويل: الاختصار.الإمام مسلم يستخدم هذا التحويل أكثر من البخاري ، فإن البخاري قليلاً ما يحول الإسناد.

- هناك أسانيد يسمونها: سلسلة الذهب، من ضمن سلاسل الذهب :[ أن يروي الإمام مالك، عن نافع ، عن ابن عمر .

- أعلى سند في البخاري بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة) يسمونه العلماء: ( ثلاثيات البخاري).

- قال العلماء: إن صحة السند لا تستلزم منه صحة المتن؛ لاحتمال أن يكون هناك أحد ركب سنداً صحيحاً على متن موضوع.

- وأحيل القراء إلى كتاب يؤرخ تاريخاً صادقاً لهذه الحقبة - أظنه يقصد التي ظهر فيها الأدباء والصحفيون الذين استهزئوا بالله ورسوله- :كتاب: (أباطيل وأسمار) للشيخ أبي فهر محمود شاكر رحمه الله، هذا الرجل من أفضل المقاتلين عن الدين، الذين قاتلوا وغزوا وانتصروا، وكتاب آخر اسمه: (الطريق إلى ثقافتنا) أيضاً للشيخ محمود شاكر ؛لتعلم هذا البلاء الذي عاشت فيه الأمة ما مبدؤه ,فقد أرخ تاريخاً صادقاً بقلمه الرشيق.

- إذا قال الكوفي: عن عبد الله فهو ابن مسعودوإذا قال المصري: عن عبد الله فهو ابن عمرو بن العاصوإذا قال المدني: عن عبد الله فهو ابن عمر لأن أحياناً يأتي الصحابي عبد الله ، فإذا أردت أن تعلم من هو عبد الله الصحابي هذا، فانظر إلى الراوي عنه، فإن كان ( كوفياً ) فهو ابن مسعود ، وإن كان ( مصرياً ) فهو عبد الله بن عمرو بن العاص ، وإن كان ( مدنياً ) فهو عبد الله بن عمر بن الخطاب.

- البخاري كان يحضر مجلسه مائة ألف وليس في وجهه شعر، لم يكن نمت له لحية بعد.

اللهم ارزقنا علو الهمة فى الطلب،والصدق واﻻخﻻص،وزدنا علما وفقها.

✏أحبكن فى الله/
د.أماني الصاوي.